سورة الأحزاب - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


{وإذ تقول للذي أنعم الله عليه} بالإسلام، يعني: زيداً {وأنعمت عليه} بالإِعتاق: {أمسك عليك زوجك واتق الله} فيها، وكان صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يتزوَّج بها، إلا أنَّه آثر ما يجب من الأمر بالمعروف، وقوله: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه} أن لو فارقَها تزوَّجتها، وذلك أنَّ الله تعالى كان قد قضى ذلك، وأعلمه أنَّها ستكون من أزواجه، وإأنَّ زيداً يُطلِّقها {وتخشى الناس} تكره قالة النَّاس لو قلت: طَلِّقْها، فيقال أمر رجلاً بطلاق امرأته، ثمَّ تزوَّجها {والله أحقُّ أن تخشاه} في كلِّ الأحوال، ليس أنَّه لم يَخْشَ الله في شيءٍ من هذه القضيَّة، ولكن ذكر الكلام ها هنا على الجملة. وقيل والله أحقُّ أن تستحيي منه، فلا تأمر زيداً بإمساك زوجته بعد إعلام الله سبحانه إياك أنها ستكون زوجتك، وأنت تستحيي من النَّاس وتقول: أمسك عليك زوجك. {فلما قضى زيد منها وطراً} حاجته من نكاحها {زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج...} الآية. لكيلا يظنَّ ظانٌّ أنَّ امرأة المتبنَّى لا تحلُّ للمتبنِّي، وكانت العرب تظنُّ ذلك، وقوله: {وكان أمر الله مفعولاً} كائناً لا محالة، وكان قد قضى في زينب أن يتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له} فيما أحلَّ له من النِّساء {سنة الله في الذين خلوا من قبل} يقول: هذه السُّنَّة قد مضت أيضاً لغيرك. يعني: كثرة أزواج داود وسليمان عليهما السَّلام، والمعنى: سنَّ الله له سنَّةٌ واسعةً لا حرج عليه فيها {وكان أمر الله قدراً مقدوراً} قضاءً مقضياً.


{الذين يبلغون رسالات الله} {الذين} نعت قوله: {في الذين خلوا من قبل}. {ويخشونه ولا يخشون أحداً إلاَّ الله} لا يخشون قالة النَّاس ولائمتهم فيما أحلَّ الله لهم {وكفى بالله حسيباً} حافظاً لأعمال خلقه.
{ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} فتقولوا: إنَّه تزوجَّ امرأة ابنه، يعني: زيداً ليس له بابنٍ وإن كان قد تبنَّاه {ولكن} كان {رسول الله وخاتم النبيين} لا نبيَّ بعده.
{يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً} وهو أن لا يُنسى على حالٍ.
{وسبحوه} صلُّوا له {بكرة} صلاة الفجر {وأصيلاً} صلاة العصر والعشاءين.
{هو الي يصلي عليكم} يغفر لكم ويرحمكم {وملائكته} يستغفرون لكم {ليخرجكم من الظلمات إلى النور} من ظلمات الجهل والكفر إلى نور اليقين والإسلام.
{تحيتهم} تحيَّةُ الله للمؤمنين {يوم يلقونه} يرونه {سلام} يسلِّم عليهم {وأعدَّ لهم أجراً كريماً} وهو الجنَّة.
{يا أيها النبيُّ إنا أرسلناك شاهداً} على أُمَّتك بإبلاغ الرِّسالة.
{وداعياً إلى الله} إلى ما يُقرب منه من الطَّاعة والتَّوحيد {بإذنه} بأمره، أَيْ: إنَّه أمرك بهذا لا أنَّك تفعله من قبلك {وسراجاً منيراً} يُستضاء به من ظلمات الكفر.


{ودع أذاهم} لا تُجازهم عليه إلى أن تُؤمر فيهم بأمرنا.
{يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات} تزوجتموهنَّ {ثمَّ طلقتموهنَّ من قبل أن تمسوهنَّ} تجامعوهنَّ {فمالكم عليهن من عدَّة تعتدونها} تحصونها عليهنَّ بالأقراء والأشهر؛ لأنَّ المُطلَّقة قبل الجماع لا عدَّة عليها {فمتعوهنَّ} أعطوهنَّ ما يستمتعن به، وهذا أمر ندب؛ لأنَّ الواجب لها نصف الصَّداق {وسرحوهن سَراحاً جميلاً} بالمعروف كما أمر الله تعالى، ثمَّ ذكر ما يحلُّ من النِّساء للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} مهورهنَّ {وما ملكت يمينك} من الإِماء {ممَّا أفاء الله عليك} جعلهنَّ غنيمة تُسبى وتُسترقُّ بحكم الشَّرع {وبنات عمك وبنات عماتك} أن يتزوجهنَّ، يعني: نساء بني عبد المطلب {وبنات خالك وبنات خالاتك} يعني: نساء بني زُهرة {اللاتي هاجرن معك} فمن لم يهاجر منهنَّ لم يحلَّ له نكاحها {وامرأة} وأحللنا لك امرأةً {مؤمنة إن وهبت نفسها للنبيِّ إن أراد النبيُّ أن يستنكحها} فله ذلك {خالصة لك من دون المؤمنين} فليس لغير النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن يستبيح وطء امرأةٍ بلفظ الهبة من غير وليٍّ، ولامهرٍ، ولا شاهدٍ، {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} وهو أن لا نكاح إلاَّ بوليٍّ وشاهدين {وما ملكت أيمانهم} يريد أنَّه لا يحلُّ لغير النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاَّ أربع بوليٍّ وشاهدين، وإلا ملك اليمين، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يحلُّ له ما ذكر في هذه الآية {لكيلا يكون عليك حرج} في النِّكاح.
{ترجي من تشاء منهن} تُؤخِّر {وتؤوي} وتضمُّ {إليك مَنْ تشاء} أباح الله سبحانه له أن يترك القسمة والتَّسوية بين أزواجه، حتى إنَّه ليؤخِّر مَنْ شاء منهنَّ عن وقت نوبتها، ويطأ مَنْ يشاء من غير نوبتها، ويكون الاختيار في ذلك إليه يفعل فيه ما يشاء، وهذا من خصائصه {ومن ابتغيت} طلبتَ وأردتَ إصابتها {ممن عزلت} هجرتَ وأخَّرت نوبتها {فلا جناح عليك} في ذلك كلِّه {ذلك أدنى أن تقرَّ أعينهنَّ....} الآية. إذا كانت هذه الرُّخصة مُنزَّلة من الله سبحانه عليك كان أقرب إلى أن {يرضين بما آتيتهن كلهنَّ والله يعلم ما في قلوبكم} من أمر النِّساء والميل إلى بعضهنَّ، ولمَّا خيَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم نساءه فاخترنه ورضين به، قصره الله سبحانه عليهنَّ، وحرَّم عليه طلاقهنَّ والتَّزوُّج بسواهنَّ، وجعلهنَّ أُمَّهات المؤمنين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5